احذري من كلمة (شاطر) فإن معناها في كتب اللغة هو ( الفاجر الخبيث
الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله , وعلى آله وصحبه
ومن اهتدى بهداه , أما بعدُ :
فإنه من الألفاظ المنتشرة والكلمات الشائعة قولهم ( شاطر )
يعنون به الحاذق الماهر , وهذا ما لا تعرفه اللغة , ولا وجه له
فيها ألبتة , بل إن المذكور في كتب اللغة – قديمها وحديثها – هو
معنى مغاير تماما لما اصطلح عليه العامة .
ولما كان معنى هذه الكلمة المعروف في كتب اللغة هو ( الفاجر
الخبيث ) لاحظت أنه من الضروري التنبيه على ذلك , ولستُ إلا
ناقلا عن أهل الشأن وأربابه , فإليكم بعض ذلك :
قال الخليل بن احمد الفراهيدي في كتاب ( العين 6/234) :
ورجل شاطر وقد شطر شطورا وشطارة وشطارا : وهو الذي
أعيى أهله ومؤدبه خبثا .
وذكر أبو بكر الأنباري في كتابه ( الزاهر في معاني كلمات
الناس 1/115) أن في معنى كلمة ( شاطر ) قولين عند أهل
اللغة : أحدهما (المتباعد من الخير) والآخر ( الذي شطر نحو
الشر وأراده) .
وقال الزمخشري في (أساس البلاغة 1/476) : وفلان شاطر :
خليع , وشطر على أهله : راغمهم .
وقال القلقشندى في (صبح الأعشى 1/248) :
فالشطار جمع شاطر, وهو في أصل اللغة: اسم لمن أعيى
أهله خبثا , يقال منه : شَطَرَ وشطُر بالفتح والضم شطارة بالفتح
فيهما , ثم استعمل في الشجاع الذي أعيى الناس شجاعة ,
وغلب دورانه على لسان العامة , فامتهن وابتذل .
وقال الفيروز آبادي في (القاموس المحيط – مادة شطر) :
الشاطر من أعيى أهله خبثا , وشطر عنهم : نزح عنهم مراغما .
وجاء في المعجم الوسيط : (الشاطر) : الخبيث الفاجر , وعند
الصوفية : السابق المسرع إلى الله , والفهِم المتصرف .
وجاء في العامي الفصيح – أحد إصدارات مجمع اللغة العربية
بالقاهرة – الشاطر في العامية : الماهر في عمله , وفي
الفصحى : الخبيث الفاجر .
وقال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله – في (معجم المناهي
اللفظية ) : الشاطر هو بمعنى قاطع الطريق , وبمعنى الخبيث
الفاجر , وإطلاق المدرسين له على المتفوق في الدرس خطأ ,
فليتنبه .
نعم , (الشاطر) في اصطلاح الصوفية : هو السابق المسرع
إلى الله , فانظر كيف سرى هذا الاصطلاح الصوفي إلى تلقينه
للطلاب . اهـ
وما ذُكِرَ – آنفا – من كلام أهل اللغة هو المعروف المستعمل في
كلام الفقهاء والمحدثين وغيرهم , ومن ذلك :
قول ابن معين في ( الحًسين بن الفرج الخياط البغدادي ) :
كذاب صاحب سكر شاطر .(الجرح والتعديل لأبي حاتم 3/62)
وذكر الذهبي في (السير8/437) عن الفضل بن موسى قال :
كان الفضيل – ابن عياض – شاطرا يقطع الطريق .
فتبين بهذا كله قبح هذه الكلمة وسوء معناها , فليعدل عنها الآباء
والمدرسون وغيرهم – ممن يستعملها – إلى ما لا قبح فيه كـ
(ماهر) و(حاذق) و(ذكي) و(جيد) و(طيب) ونحو ذلك , والله
أعلم , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .